حمى وقروح وفقدان بصر

سنة الجدري

حل على جزيرة العرب سلسلة من الأوبئة منذ عقود طويلة والتي ناضل فيها الشعوب للحفاظ على حياتهم، وأشد الأوبئة ضراوة وأكثرها تخليدا في أذهان السعوديين هو الجدري

بدأت قصتي في المجمعة عندما حملت طفلة إحدى قريباتي -والذي اتضح لنا لاحقا إصابتها بالجدري- فانتقل الفيروس إلي بدون أن أعي به أو بإصابتي..

انتشر الجدري في بيتنا عندما رجعت إلى أهلي في حرمه وانتشر في مدن المنطقة وقراها، ومات بسببه عدد كبير.

ظهرت الأعراض على بارتفاع درجة الحرارة وصداع مؤلم حتى انتشرت القروح في كامل جسدي وأشده في اليدين والرجلين والرأس، ودخلت جراء إصابتي بغيبوبة لم أكن مدركا لمن حولي، ولقد توفيت وقتها أختي نورة ولم أشعر بوفاتها..

وجلست متعبا وأعاني منه لشهور لازمت فيها الفراش، بل وفقد بصري لمائة يوم على الرغم من المحاولات العلاجية، سعت أمي للبحث عن علاجي وسألت العديد حتى زارتها امرأة من البادية، ونصحت بأخذ قشور من جلدي المصاب، فإذا يبست دُقت، ثم ذرت على الجسم، وبخاصة العينان، وسبحان الله العظيم بمجرد ذر قشور الجدري في العينين تحسنت العينان، وبدأت – بفضل الله وكرمه – في الإبصار.

وتدريجيا تحسنت، ومما يستحيل علي أن أنساه بشأن هذا المرض أن جسمي كله، ومعظم جلدي، خاصة اليدين والرجلين والوجه والرأس، قد انسلخ انسلاخ كامل، حتى أنني خرجت لأول مرة بعد تحسني ومررت بقرب أحد معارفي، وحينما رآني لم يعرفني، وهرب خوفًا من الشكل الذي رآه.

وفي تاريخ السعودية عندما حل وباء الجدري وانتشر في بلدان نجد وباديتها قدم الناس إلى الرياض بحثا عن العلاج تجمعوا في منطقة في شمال الشرقي للرياض وخارج أسوارها، في وادي البطحاء ، وأهتم الملك المؤسس بسلامة المرضى والسكان وأن يمنع انتشار العدوى، فأقرّ على جناح السرعة سلسلة من الآليات منها تحويل وقف والده

“قصر ثليم” الى مضيف لإيواء المرضى واستقدام الأطباء وتأمين التطعيمات، مع عدد القصور التي فتحت بعدها للضيافة وقت الجدري.